جُنّ الرجل و فقد عقله و بوصلة تفكيره…هذا تمامًا ما يمكن وصف به نداء وزير التجارة الأسبق نور الدين بوكروح إلى الجيش الشعبي الوطني و حتى أجهزة الأمن في إطار مبادرته السياسية التي أطلقها منذ أسابيع
حيث دعا فيه الشعب إلى القيام بثورة سلمية لقلب نظام الحكم في الجزائر، حيث قال بصريح العبارة:”إن الجيش الوطني الشعبي إذ يرفض أي تدخل له في المعترك السياسي، و إذ هو يؤكد بانتظام التزامه بمهامه الدستورية في خدمة الوطن والحفاظ على وحدة ترابه وسلامة أراضيه، فإنّ الأمة من جهتها ترحّب بذلك وتمتنّ له عن موقفه هذا ؛
كما يضيف بوكروح ” و هي تنتظر منه و من أجهزة الأمن أن يمتنعوا عن استخدام القوة ضد الشعب في حال وقوع أكتوبر 88 جديد، لأن الاضطرابات الاجتماعية ليست أبدًا سوى نتيجة السياسات المفلسة.
فالأجدر هو أن تتمّ معاقبة واضعي ومنفذي هذه السياسات و ليس ضحاياها”. دعوة بوكروح هذه و إن كان ظاهريًا يعتبر عدم تدخل الجيش الجزائري في حال إندلاع أحداث أكتوبر 88 جديد في البلاد و الإمتناع عن إستخدام القوة ضد الشعب-يقصد الثائرين-عمل ديمقراطي سيُحسب للجيش فإنه باطنيًا هو دعوة ضمنية للفوضى،لأنه أي عاقل يرى البلاد تتجه نحو الفوضى و الإنهيار و لا يتدخل الجيس لبسط و فرض الأمن و النظام،فما مهمة الجيش إذا في هذه الحالة؟ البقاء متفرجًا و مكتوفي الأيدي؟ طبعًا لا لا بد من الصرامة لكن دون إستعمال العنف إلأا في حالة الدفاع عن النفس،لأنه من غير المنطقي مشاهدة البلاد تغرق في الفوضى و العنف و الجيش-الحامي الأول للوطن-لا يتدخل،
كان يجدر بهذا البوكروح أن يتطرق إلى مواضيع مهمة و ذات فائدة و ليس دعوة الجيش إلى التمرد،نعم عندما يبقى الجيش مكتوف الأيدي و لا يتدخل لإنقاذ البلاد من الفوضى فهذا تمرد عن مهامه الدستورية،ثم من يكون هذا البوكروح حتى يدعو تارة الشعب الجزائري لثورة سلمية لتغيير النظام الحاكم و هو الذي يعيش خارج الجزائر مهتم بتجارته و مصالحه الخاصة و لا يزور الجزائر إلا في حالات نادرة،أنا شخصيًا و من موقعي هذا كإعلامي أتحدى هذا البوكروح في أن ينجح في جمع 50 شخصًا فقط على كلمة واحدة فمبالك بدعوة شعب بأكمله إلى الثورة و هو لا يسمع أصلاً بأمثال هذا الكائن السياسي الغرائبي الذي يتنبأ بخراب الجزائر عندما قال متحدثًا عن النظام القائم:”إن آثار سياساتها المرتجلة من يوم لآخر.
و الأولوية التي تعطيها لمصالح المدى القصير على حساب مصالح المدى الطويل للبلاد هي اليوم بادية بوضوح. كما يشهد على ذلك عدم الاستقرار القانوني، وانعدام الرؤية، واللجوء إلى خلق العملة دون مقابل، و النية في التنازل عن الموارد الطاقوية والمنجمية بأرخص الأثمان من أجل إعادة جذب المستثمرين الأجانب.
وتكثيف الجهود للشروع في استغلال الغاز الصخري الذي يشكل تهديدا على الموارد المائية للبلاد والبيئة و صحة سكان المنطقة. في 5أكتوبر 1988،أعطت السلطة الأمر للجيش وأجهزة الأمن باستخدام قواتهم وأسلحتهم ضد المتظاهرين حتى تتمكن من إعادة بسط النظام العام وشرعت في أعقاب ذلك في انتهاج تغييرات سياسية انفتاحية.
لكن لأن هذه الأخيرة لم تكن مدروسة أو محضرة فإنها أدّت إلى عشرية من الاقتتال الذي لا يزال مستمرا إلى يومنا هذا.
التدابير و القرارات التي اتخذت في الآونة الأخيرة بارتجال وعلى عَجل، سوف تولّد لا محالة في المستقبل القريب أو المتوسط المدى الاضطرابات الاجتماعية التي لا يرغب في حدوثها أيّ جزائري.
هذه المبادرة السياسة تهدف تحديدًا إلى استباقها للحيلولة دون وقوعها.فإذا كان تعويض نقص السيولة بالدينار ممكنا إلى حدّ ما، ليس دون أخطار، عن طريق طباعة الأوراق النقدية، فلا توجد في المقابل أية وسيلة لتعويض النقص في السيولة بالعملة الصعبة، و هي اللازمة لتمويل الواردات التي من دونها سوف تنهار البلاد.
هذا الأفق يقترب اليوم لأن احتياطات الصرف الحالية لن تغطي أكثر من سنة ونصف من الاستيراد. عندئذ يمكن للاضطرابات أن تندلع مجبرة السلطة على مطالبة الجيش وقوات الأمن بقمعها
عمّار قـردود