إضافة إلى أنه مات شهيدًا بمعية 256 آخرين في سقوط الطائرة العسكرية ببوفاريك صباح أمس الأربعاء،فإن قائد الطائرة-الذي يعتبر المسؤول الأول عنها-المنكوبة النقيب إسماعيل دوسن كان بطلاً و شجاعًا و إنسانيًا و وطنيًا إلى أبعد الحدود و ذلك بفضل حؤوله دون ترك الطائرة تسقط بمنطقة كانت مأهولة بالسكان-بحي بني مراد المكتظ بالسكان، أو الطريق السريع الذي يربط ولاية البليدة بالجزائر العاصمة –
و جنّب بذلك الجزائر كارثة أعظم و كانت حصيلة الضحايا ستكون أكبر بكثير ففضل التضحية بنفسه و بمن على متن الطائرة فقط عوضًا عن حصد أرواح أبرياء آخرين و هذا العمل الشجاع لا يقوم به إلا شخص أقل ما يُقال عنه أنه وطني حتى النخاع.
ﺍﻟﺴﺎﻋﺔ كانت تشير إلى حدود 7:55 ﺻﺒﺎﺣًﺎ في اليوم الأسود .. الأربعاء 11 أفريل 2018 عندما حاول ﺍﻟﻨﻘﻴﺐ إسماعيل دوسن ﻗﺎﺋﺪ ﺍﻟﻄﺎﺋﺮﺓ العسكرية المنكوبة ﻣﺮﺍﺭًﺍ ﻭﺗﻜﺮﺍﺭًﺍ ﺍﻟﺘﺤﻜﻢ فيها لكنه ﻓﻘﺪ ﺍﻟﺴﻴﻄﺮﺓ عليها ﺧﻼﻝ دقائق معدودة..و أمام هذا الوضع الخطير و الحرج سارع إسماعيل إلى حمل ﻣﻜﺒﺮ ﺍﻟﺼﻮﺕ و قام بتوجيه ﺭﺳﺎﻟﺔ ﻟﻠركاب قائلاً بكل شجاعة و تأثر :
“أﻳﻬﺎ ﺍﻟركاب الأعزاء … أﻭلاً .. دﻋﻮﻧﻲ أن أتحرر ﻣﻦ اﻟﺮﺳﻤﻴﺎﺕ ﻭ أﻗﻮﻝ أبنائي الأعزاء “.
و إستطرد مواصلاً:”ﻣﻌﻜﻢ ﻗﺎﺋﺪ ﺍﻟﺮﺣﻠﺔ”،”ﻻ أﻣﻠﻚ ﺍﻟﻮﻗﺖ الكافي لأﻣﻬّﺪ لكم ما سيحدث .. سأدفعه إليكم ﻓﺎﻟﺘﻘﻄﻮﻩ .. لا داعي للصراخ بعد الجملة الأولى لأنّ الجملة التي بعدها مهمة جدًا .. اسمعوني جيدًا بارك الله فيكم … ﺃﻋﺘﺬﺭ ﻟﻜﻢ ﻛﺜﻴﺮًﺍ ﻋﻦ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺨﺒﺮ .. ﺳﻮﻑ ﺗﻘﻊ ﺍﻟﻄﺎﺋﺮﺓ ﺑﻌﺪ ﺩﻗﺎﺋﻖ ﻗﻠﻴﻠﺔ … إﻧﻬﺎ ﺍﻟﺸﻬﺎﺩﺓ أﺑﻨﺎﺋﻲ …ﻻ ﺗﻨﺴﻮ ﺍﻟﺸﻬﺎﺩﺗﻴﻦ ﻳﺤﻔﻈﻜﻢ ﺍﻟﻠﻪ .. ﺃﺭﻳﺪ ﺃﻥ ﺃﻗﻮﻝ ﻟﻜﻢ ﺑﺄﻧﻨﺎ ﻧﺤﻠﻖ ﻓﻮﻕ ﺗﺠﻤﻊ ﺳﻜﺎﻧﻲ .. ﺳﻮﻑ ﺃﺗﺠﻨﺐ ﺍﻟﻄﺮﻳﻖ ﺍﻟﺴﺮﻳﻊ ﺣﺘﻰ نتفادى ﺍﻟﺨﺴﺎﺋﺮ ﺍﻟﺒﺸﺮﻳﺔ ﻭنضمن حياة السكان ، ﻓﻤﻬﻤﺘﻨﺎ ﺍﻷﻭﻟﻰ ﻭﺍﻷﺧﻴﺮﺓ ﻫﻲ ﺍﻟﺘﻀﺤﻴﺔ ﻓﻲ ﺳﺒﻴﻞ الله .. ﺍﻟﺸﻌﺐ ﻭاﻟﻮﻃﻦ .. السماح بيننا .. أشهد أنّ لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله …”.
بعد صدمة متوقعة وأصوات ذعر وخوف ردد عدد كبير من الركاب عبارات المؤمنين بقضاء الله و قدره ، الواثقين بالله .. وكلهم ثقة : “الحمد لله ، ﻧﺤﻦ ﻣﻊ ﻗﺮﺍﺭﻙ ﺃﻳﻬﺎ ﺍﻟﻘﺎﺋﺪ ﻭﺭﺍﻙ ﻣﺴﺎﻣﺢ دﻧﻴﺎ وآﺧﺮﺓ” ليعّم بعد ذلك المكان ﺍﻟﺼﻤﺖ ﺍلمطبق ﻭبدأ الجميع في محاورة النفس والتمتمة بالشهادتين و التسليم بأن الموت زائرهم هذه اللحظة إلا من لا يزال أجله.
و بحسب بعض المصادر فإن قائد الطائرة قام بمناورتين جويتين في غضون لحظات وجيزة ، في البداية حاول العودة بالطائرة بعد أن اكتشف استحالة اكمال الرحلة لكنه دقائق بعد ذلك بدأ في ابعاد الطائرة عن المواقع السكنية والمحيط العمراني محاولاً تنفيذ هبوط اضطراري في مناطق معينة كمحاولة يائسة منه لانقاذ حياة أكبر عدد من الركاب إلا أن القدر كان لهم بالمرصاد واحترقت أجزاء من الطائرة في الجو قبل هبوطها .
و حددت وزارة الدفاع الوطني ، هوية الشهيد قائد الطائرة التي سقطت في بوفاريك و يتعلق الأمر بالفقيد دوسن إسماعيل من مواليد 1972 وينحدر من ولاية المسيلة وبالضبط من بلدية عين الحجل، وقالت بعض الجهات الأمنية أن القائد أنقذ الجزائر من مجزرة حقيقية حيث كادت الطائرة ان تسقط بالطريق السريع وإمتد بها لمزرعة فارغة بالقرب من الطريق السريع الرابط بين بوفاريك والبليدة. وقال العميد بوعلام ماضي، للتلفزيون الرسمي، إن طائرة نقل عسكرية من طراز إليوشن تحطمت في حقل زراعي غير مأهول في حوالي الساعة الثامنة صباحًا بعد قليل من إقلاعها.
و بحسب بعض الخبراء العسكريون لـــ”الجزائر1” فإن طاقم الطائرة العسكرية المنكوبة و خاصة قائدها النقيب إسماعيل دوسن أنقذ على الأقل أرواح أزيد من 2500 شخص و ذلك عندما نجح في توجيه سقوط الطائرة نحو منطقة خالية من السكان.
عمّـار قـردود