قد يكون الأمر مفاجئ للكثيرين حتى لا أقول للجميع،لكن هناك عدة مؤشرات و معطيات واضحة وضوح الشمس في كبد السماء تفيد أن صراع أجنحة السلطة -في الخفاء و العلن- في الجزائر قد انتهى إلى التوافق أو ربما فوز جناح ما من أجنحة السلطة و ترجيح كفته على جناح آخر،
وكان نتاجه تزكية الوزير الأول الحالي عبد المجيد تبون كرئيس مقبل للجزائر سنة 2019 و ربما حتى بقاءه رئيسًا للجمهورية الجزائرية حتى سنة 2030؟.
ولعلى أولى هذه المؤشرات هو تكريمه من طرف الرئيس عبد العزيز بوتفليقة ،حيث أسدى رئيس الجمهورية في جوان 2016 وسام الاستحقاق الوطني بدرجة عشير لعبد المجيد تبون، عندما كان وزيرًا للسكان و تهيئة المدينة ،تقديرا له للجهود التي يبذلها من أجل القضاء على مشكل السكن على المستوى الوطني.
وقد تسلم هذا الوسام تبون من قبل رئيس مجلس الأمة عبد القادر بن صالح خلال حفل نظم بإقامة الميثاق بالجزائر العاصمة. و يُعتبر أول تكريم في تاريخ الجزائر المستقلة يناله وزير جزائري من طرف رئيس الجمهورية و هذا الأمر نادر الحدوث جدًا،لأنه في الحقيقة لم يقم تبون إلا بعمله الذي كلف به و يتقاضى عليه أجرًا شهريًا و امتيازات عديدة.
و ثاني هذه المؤشرات تعيينه وزيرًا أول مكان عبد المالك سلال في ماي الماضي ربما لتحضيره للمهمة الأهم و هي رئاسة الجزائر و خليفة لعبد العزيز بوتفليقة،لأن تبون من رجال بوتفليقة المقربين و الذين يعتمد عليهم كثيرًا و تعيينه وزير أول من ماي 2017 و حتى أفريل 2019 موعد الانتخابات الرئاسية الجزائرية القبلة هو بمثابة إعطاءه فرصة إبراز قدراته كرجل دولة يمكن أن يُعول عليه و أن فترة قيادته للحكومة الجزائرية هي ما يشبه حملة انتخابية غير معلنة لرئاسيات 2019 و الدليل القاطع هو أنه بمجرد تقلده منصب وزير أول فاجئ الجميع بقرارات جريئة و تغيير جذري في نظرته لكثير من الأوضاع،فأعلن الحرب على الفساد و وجه اتهامات ضمنية إلى سلفه عبد المالك سلال و بعض وزراءه
و حتى الإعلان عن تعيينه وزيرًا أول لم يستاء له الكثير من الجزائريين الذين يعتبرونه رجل دولة و “خدام” بل أثلج صدور الكثير منهم و حتى السياسيين لم يصدر عنهم ما يوحي أنهم ضد عبد المجيد تبون كشخص و إن انتقدوا حكومته،بل أن الأمين العام لحزب التجمع الوطني الديمقراطي و مدير ديوان رئاسة الجمهورية أحمد أويحي الذي كان ينتقد سلال و حكومته في مناسبة و غير مناسبة لم يفعل ذلك مع عبد المجيد تبون رغم أن أويحي كان أكثر المرشحين لخلافة عبد المالك سلال
ما يوحي بأن أويحي قد وصلته الرسالة بأن تبون هو مرشح النظام في رئاسيات 2016.و حتى عندما فجّر تبون قضية تبديد 7 آلاف مليار سنتيم من طرف سلال و بوشوارب قال عنه أويحي بأن ما قاله تبون صحيح.
رغم أن تبون وجه اتهامات غير مباشرة إلى وزير الصناعة و المناجم السابق عبد السلام بوشوارب بتورطه في تبديد تلك الأموال الطائلة و الذي يعتبر قيادي بارز في الحزب الذي يرأسه أويحي..؟.
و ثالث المؤشرات هو أنه و عند عرض عبد المجيد تبون لمخطط عمل حكومته على نواب غرفتي البرلمان حدد العديد من الأهداف الاقتصادية، التي من شأنها -حسب المخطط- إعطاء دفع قوي للاقتصاد الوطني، أبرزها تحقيق نمو الناتج المحلي الخام خارج المحروقات بنسبة 6.5 بالمائة سنويًا خلال الفترة 2020-2030.زيادة2.3 أضعاف دخل الناتج المحلي الخام عن كل نسمة، مضاعفة حصة الصناعة التحويلية، فيما يخص القيمة المضافة
لتصل إلى 10 بالمائة من الناتج المحلي الخام في آفاق 2030، عصرنة القطاع الفلاحي التي تسمح ببلوغ هدف الأمن الغذائي وإنجاز قدراته في تنويع الصادرات، انخفاض نسبة النمو السنوية فيما يخص الاستهلاك الداخلي للطاقة لتتمحور حول نسبة 3 بالمائة إلى 4 بالمائة في آفاق 2030، بفضل نموذج طاقوي جديد يرتكز على العقلانية والفاعلية الطاقوية، تنويع الصادرات التي تسمح بدعم تمويل النمو الاقتصادي السريع.فلماذا عرض تبون مخطط الحكومة حتى آفاق 2030 و هو يعلم أن أي رئيس حكومة أو وزير أول لا يمكنه أن يمكث و يستقر في منصبه لأزيد من 3 أو 5 سنوات،لو لم يكن في الأمر “إن و أخواتها و جميع أهلها و أقاربها”
لكن ما يؤكد على أن تبون سيكون هو رئيس الجزائر المقبل و بمعنى أصح و أقرب للحقيقة و الواقع هو خليفة بوتفليقة هو إعداده لاستكمال برنامج الرئيس بوتفليقة و تعهده بتنفيذ ذلك،بعد أن أصبح عبد المالك سلال ورقة محروقة،و نفس الأمر ينطبق على وزير الطاقة الأسبق شكيب خليل الذي جيء به إلى الجزائر من أجل “تبييض” صورته السوداوية لكن المحاولات يبدو أنها باءت بالفشل الذريع أو ربما تم استدعاءه للقيام بدور أرنب في سباق الرئاسيات المقبلة،
و كذلك الأمر بالنسبة لأحمد أويحي الذي في حقيقة الأمر كان عبد المجيد تبون يقصده و يستهدفه هو في قضية تبديد 7 آلاف مليار سنتيم و ليس بوشوارب لسد الطريق تمامًا أمامه في رئاسيات 2019.
وحتى القرارات التي أعلنها عبد المجيد تبون و إن كان باسم الرئيس عبد العزيز بوتفليقة و لاقت تجاوبًا شعبيًا كبيرًا كتنظيم دورة استدراكية للباكالوريا للطلبة المقصيين و المتغيبين خلال الأسبوع المقبل و منح 1500 جواز سفر للحجاج الذين لم يسعفهم الحظ في قرعة الحج السابقة و الذين سجلوا لأزيد من 10 مرات و تبلغ أعمارهم 70 سنة فما فوق و استحداث ولايات جزائرية جديدة كلها تصب في هذا المنحى.
كل هذه المؤشرات و غيرها تصب في صالح عبد المجيد تبون ليكون رئيس الجزائر المقبل؟.فهل سيتحقق ذلك و يكون عبد المجيد تبون خليفة عبد العزيز بوتفليقة في رئاسة الجزائر؟
عمّار قردود