إجتاحت،خلال شهر سبتمبر الماضي،حمى الإنفصال و مطالب الإنقسام عدة دول في العالم و عبر 3 قارات مختلفة و بشكل متزامن،فمن إقليم كردستان بالعراق،مرورًا بإقليم كتالونيا بإسبانيا وصولاً إلى أمبازونيا بالكاميرون و كان أكراد العراق-القارة الأسيوية- قد أدلوا بأصواتهم الاثنين الماضي في استفتاء انفصال إقليم كردستان عن الدولة الأم العراق.
و هو الاستفتاء الذي أسفر عن نتيجة صادمة بعد أن قرر 92 بالمائة من الأكراد التصويت لصالح الإنفصال أو الإستقلال في ظل معارضة داخلية، وإقيلمية، ودولية.وطلبت الولايات المتحدة، وبريطانيا، والتحالف الدولي الذي يحارب تنظيم “داعش” الإرهابي تأجيل الاستفتاء لمدة عامين.و لكن رئيس إقليم كردستان العراق، مسعود بارزاني، أكد إن الوقت “متأخر جدًا” لاتخاذ قرار التأجيل.
و بحسب البارازاني وحلفاؤه فإن الإستفتاء حول الانفصال جاء بعد سنوات من سوء المعاملة التي تعرض لها أكراد العراق جعلتهم يرون أن الوقت مناسب تمامًا لأكراد العراق كي يقيموا دولة خاصة بهم. وتتهم حكومة إقليم كردستان، التي تتخذ من مدينة أربيل عاصمة لها، أيضا الحكومة المركزية في بغداد بأنها تقصي بشكل منهجي الأكراد من تقاسم عادل للسلطة والموارد.ويقول الأكراد المؤيدون للاستفتاء إن الانفصال “حق طبيعي”، وإن إنشاء دولة للأكراد سيجلب الاستقرار الإقليمي للمنطقة.
فيما وصف رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي الاستفتاء بأنه خطوة “غير شرعية وغير دستورية”.كما رفض البرلمان العراقي في بغداد الاستفتاء وصوت ضده، وطلب من رئيس الحكومة اتخاذ كل الإجراءات الضرورية للحفاظ على وحدة العراق في مواجهة خطوة الأكراد الانفصالية. وعاقب البرلمان محافظ كركوك، الكردي، بعزله من منصبه، في 14 سبتمبر الماضي، بعد إعلان تأييده للاستفتاء والموافقة على إجرائه في المحافظة.وحذر مسؤولون عسكريون عراقيون من تأثير الاستفتاء على الحرب الدائرة ضد تنظيم “داعش”، وقالوا إنه سيؤدي لنتائج سلبية، خاصة أن التنظيم مازال يسيطر على مناطق متنازع عليها مثل مدينة الحويجة في منطقة كركوك.
ويرى رافضون للإنفصال بعدم وجود سند قانوني وشرعي لإجراء الاستفتاء وأن الرئيس مسعود بارزاني يستغله لتعزيز سلطاته وسلطات حزبه.كما يعتقدون إن الاستفتاء لن يحقق استقلالاً حقيقيًا، وسيورط الأكراد في صراع وأزمة اقتصادية. و بإسبانيا-القارة الأوروبية-قال رئيس حكومة إقليم كاتالونيا، كارلس بوجيمون، إن الإقليم أصبح من حقه الآن الحصول على “دولة مستقلة”، بعد استفتاء حظرته الحكومة، وشابته أعمال عنف.واعتبر أن الاستفتاء كان بمثابة فرصة لإعلان الاستقلال من جانب واحد. فيما قالت السلطات المحلية في كتالونيا إن 40 في المئة من سكان الإقليم شاركوا في الاستفتاء، موضحة أن 90 في المئة منهم صوتوا لصالح الانفصال عن إسبانيا.وأصيب المئات بجروح عندما تدخلت الشرطة الإسبانية لمنع التصويت الذي جرى أمس الأحد. وكانت الحكومة الإسبانية تعهدت بمنع الاستفتاء بعد أن قضت المحكمة الدستورية ببطلانه.
وقال بوجيمون في تصريح تلفزيوني رفقة عدد من المسؤولين في كاتالونيا: “في هذه الظروف الممزوجة بالأمل والألم حصل مواطنو كاتالونيا على حقهم في دولة مستقلة نظامها جمهوري”. وأضاف: “ستحيل حكومتي في الأيام القليلة المقبلة نتائج الاستفتاء على البرلمان الكاتالوني، الذي يمثل سيادة الشعب، ليتخذ قراره بشأن الاستفتاء، ولا يمكن للاتحاد الأوروبي أن يغض طرفه بعدها”.
من جهته أعلن رئيس وزراء اسبانيا ماريانو راخوي أن عملية اجراء استفتاء على استقلال اقليم كاتالونيا قد فشلت. وأكد أن سكان كاتالونيا كانوا ضحية خديعة للاشتراك في الاستفتاء المحظور بموجب القانون. وقد اسفرت المواجهات التي وقعت اليوم بين رجال الامن والمتظاهرين المؤيدين للاستفتاء عن سقوك اكثر من 760 جريحا بحسب ما أعلن راخوي.كما دعا راخوي كافة الاحزاب السياسية في البلاد الى اللقاء لبحث مستقبل البلاد في أعقاب الاستفتاء في كاتالونيا.
أما بالكاميرون-القارة الإفريقية- فقد اندلعت احتجاجات واحتفالات في منطقتين ناطقتين بالإنجليزية في الكاميرون، أمس الأحد، لدى إعلانهما “استقلالهما” عن بقية البلاد ذات الأغلبية الفرانكوفونية. وكانت الحكومة الكاميرونية قد عززت الأمن وكان هناك تواجد كثيف للشرطة في المناطق الناطقة بالإنجليزية، بعد تهديد مجموعة انفصالية بإعلان الاستقلال في أول أكتوبر، وإقامة كيان منفصل يدعى “أمبازونيا”.
واشتكى المتحدثون باللغة الإنجليزية، في الدولة الواقعة في غرب أفريقيا منذ فترة طويلة، من أنهم يعاملون كمواطنين من الدرجة الثانية وأن الحكومة لاتعطهيم المال الكافي.
وقال الزعيم الانفصالي، سيسيكو ايوك تابي، أمس الأحد: “نعيد تأكيد السلطة على تراثنا وعلى أراضينا”. وقالت وسائل الإعلام المحلية إن المتظاهرين استولوا على عدة مراكز للشرطة في المناطق الناطقة بالإنجليزية، حيث قاموا بتمزيق أعلام الكاميرون ورفعوا أعلام “أمبازونيا”، كما هاجموا مؤسسات الدولة المرتبطة بالحكومة التي يسيطر عليها الفرانكوفونيون. وذكرت محطة (سي آر تي في) المحلية أن ثلاثة سجناء، في أحد سجون مدينة كومبو بشمال غربي الكاميرون، قد قتلوا برصاص الشرطة بعد محاولتهم الفرار، عندما أضرم محتجون النار في السجن.
كما وردت تقارير عن مقتل عدد من المتظاهرين. من جانبها، تقول الحكومة الكاميرونية إن أي إعلان للاستقلال ليس له أي سند قانوني، وأن أعضاء البرلمان ومجلس الشيوخ نظما مسيرة منفصلة “للوحدة” بالعاصمة يوم أمس الأحد. وقال مارسيل نيات نجيفيني، رئيس مجلس الشيوخ لوكالة الأنباء الألمانية (د.ب.أ) إن “الكاميرون دولة واحدة ومتحدة وستظل كذلك”، مضيفا: “الحكومة على دراية بأن أشقاءنا الناطقين بالإنجليزية لديهم مشكلات وتقوم الحكومة بعلاجها”. يذكر أن الكاميرون كانت مستعمرة ألمانية في بادئ الامر-1884-، ثم انقسمت مناطقها بين القوتين الاستعماريتين الفرنسية والبريطانية، حتى تجمعت المناطق لتشكل جمهورية الكاميرون في عام 1961 .
عمّـــــــار قــــردود