يحتفل الأمازيغ في شمال إفريقيا، وخصوصاً في البلدان المغاربية المغرب والجزائر وتونس وليبيا، بـ”يناير” رأس السنة الأمازيغية الجديدة 2971. فإلى جانب مجموعة سيوة الصغيرة في أقصى غرب مصر، ومجموعة صغيرة أيضاً في جزر الكناري (أرخبيل إسباني في المحيط الأطلسي قبالة سواحل المغرب الجنوبية)، يوجد الأمازيغ بغالبيتهم الساحقة في المنطقة المغاربية، إذ يُطالب هؤلاء الأمازيغ كساكنة أصلية في المنطقة، باعترافٍ أكبر بهويتهم وثقافتهم، كما أن البعض منهم حقق مكاسب مهمة، على غرار دخول الأمازيغية ضمن الدستور في المغرب والجزائر، كما أنهم يشتركون في اللغة وفي عادات مستمرة إلى اليوم، على غرار الاحتفال بـ”إيض ن يناير” أو “إيخف أوسكاس” رأس السنة بالأمازيغية.
السنة الأمازيغية.. إحتفاء مغاربي يقوم الأمازيغ بإعادة إحياء رأس السنة بشكل يليق بحجم الحدث، وإن كانت طقوس الإحتفال تختلف من منطقة لأخرى بشمال إفريقيا، ومن جهة لأخرى داخل البلد الواحد، و ينقسم المؤرخون حول أصل الإحتفال برأس السنة الأمازيغية إلى فريقين، الأول يرى أن إختيار هذا التاريخ من يناير/كانون الثاني يرمز إلى إحتفالات الفلاحين بالأرض والزراعة، ما جعلها تُعرف باسم “السنة الفلاحية” لإرتباط الأمازيغ بالأرض من خلال تحضير أطباق من منتجات الأرض وزراعتها فقط، تيمّناً بموسم فلاحي وافر.
ويرى الفريق الثاني، أن هذا اليوم من يناير/كانون الثاني، هو ذكرى إنتصار الملك الأمازيغي “شاشناق” على الفرعون المصري “رمسيس الثاني” في مصر في المعركة التي وقعت على ضفاف النيل ﺳﻨﺔ 950 ﻗﺒﻞ ﺍﻟﻤﻴﻼﺩ، وهذا ما صنع جدلا واسعا حول حقيقة الإحتفال بهذه المناسبة وحسب باحثين ومختصين فإن ععلاقة شيشناق ليس في التقويم الرزنامي، ففي الثمانينات قامت الحركة الأمازغية أنذاك للمطالبة بالامازيغية والأكادمية البربرية في باريس اين اقترح “عمر نكاد” أن التقويم الرزنامي الأمازيغي مرتبط بدخول شيشناق إلى مصر وهذا كان تقريبا ألف سنة فبل الميلاد، وهنا يكمن الإختلاف بين الرزنامة الرومانية الذي يعتبر “يناير” أصل هذه الاخيرة، وحادثة دخول شيشناق الى مصر، حيث إرتبط يناير رأس السنة الأمازيغية بحكم شيشناق كفرعون في مصر، وهنا تاريخين مختلفين ارتبطا لضرورة ما، مثلا إرتباط السنة الهجرية بهجرة الرسول “ص” من مكة إلى المدينة، والتقويم المسيحي بربطه بميلاد عيسى عليه السلام.
كما تسعى القبائل الأمازيغية بكل من شمال إفريقيا إلى جعل رأس السنة الأمازيغية مناسبةً للإحتفاء الشعبي في تقليد يهدف إلى ترسيخه أكثر في الأجيال الصاعدة.
ففي الجزائر يحرص الأمازيغ على إعداد أطباق أمازيغية أصيلة غنية ومن بينها طبق “الكسكس” الذي يعد في منطقة القبائل بسبع انواع من البقوليات الذي يرمز الى البركة وزيادة الغلةوالخير، “شخشوخة” و”الرشتة”، و”بركوكس”، و”التراز” هذا الأخير الذي يُعد طبقاً أمازيغياً أصيلاً يتم تحضيره بخلط الحلويات والتمر والفواكه الجافة ويزينون بها مائدة الإحتفالات خاصة باليوم الذي أقرته الحكومة الجزائرية عيداً وطنياً،
وليست الأطباق وحدها ما تطبع إحتفالات الأمازيغ بالسنة الأمازيغية، فالباس أيضاً دور مهم في تقليد قبائلي، إذ يسعى الأمازيغ إلى التميز في هذه الليلة بأثواب ملونة ومرصعة باللون الذهبي، بالإضافة إلى تزيين النساء بمعدن الفضة، لما لهذه الحليّ من رموز في الثقافة الأمازيغية. وللموسيقى الأمازيغية جزء كبير في إحتفالات الأمازيغ برأس السنة، إذ تحرص القبائل المغاربية الأمازيغية على تزيين إحتفالاتهم بأهازيج غنائية والعزف على الآلات الوترية، وأيضاً الناي والدف. ويحرص الأمازيغ كذلك ليلة رأس السنة على أداء قصائد تتغنى بالأرض والتاريخ والحب، تعبيراً منهم عن فيض الفرح الذي يطرق أبوابهم في هذه المناسبة.
و من مظاهر الثقافة الأمازيغية المشتركة في مختلف مناطق شمال إفريقيا، هو الاحتفال كل يوم 13 يناير بليلة رأس السنة الأمازيغية تحت مسميات مختلفة حسب المناطق، ووفق طقوس وعادات متنوعة تحيل كلها على الارتباط بالأرض والفلاحة وتمنّي سنة فلاحية مثمرة باعتاره عيد النبات و عيد الارض.
و رغم الجدل القائم في أصل الاحتفال بالسنة الأمازيغية إلا ان امازيغ شمال افريقيا متمسكون بيناير كموروث ثقافي عريق يعكس تارخ المنطقة على غرار الاختلافات القائمة حول اصول الاحتفال بهذه السنة.
سوهيلة بوعياد
.